ج ١٦، ص : ١٤٢١
فيها أحوالهم :« كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها، لِيَذُوقُوا الْعَذابَ » (٥٦ : النساء) فهم ليسوا على حال واحدة، بل هم فى أحوال شتى من العذاب، يتقلبون فيه، وينتقلون من حال إلى حال، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى :« لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ » (١٩ : الانشقاق) وقوله سبحانه :« سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً » (١٧ : المدثر) وقوله سبحانه فى آية تالية، فى هذه السورة :« فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً » قوله تعالى :« لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً جَزاءً وِفاقاً » الضمير فى « فيها » يعود إلى جهنم، وبحوز أن يكون عائدا إلى الأحقاب..
أي أن الطاغين الذي ألقوا فى جهنم، لا يذوقون فيها « بردا » أي شيئا من البرد الذي يخفف عنهم سعير جهنم، أولا يجدون شيئا من الراحة والسكون، بل هم فى عذاب دائم :« لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ » (٧٥ : الزخرف) كما أنهم لا يسقون فيها شرابا إلا ما كان من حميم وغساق..
والحميم : الماء الذي يغلى، والغساق : ما يسيل من أجسادهم من صديد يغلى فى البطون كغلى الحميم.. فهذا جزاء من جنس عملهم.. إنهم لم يعملوا إلا السوء، فكان جزاؤهم من حصاد هذا السوء الذي زرعوه، « حزاء وفاقا » لما عملوا، ومجانسا له..
قوله تعالى :« إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً. وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً » هو بيان للسبب الذي من أجله صاروا إلى هذا المصير الكئيب المشئوم..