ج ١٦، ص : ١٤٣٤
أي أبصار هذه القلوب أو أبصار أصحابها، إذ لا فرق بين الإنسان وقلبه يومئذ.. والخاشعة الذليلة.. وإنما أوقع الذلّ على الأبصار، لأنها هى المرآة التي تتجلى على صفحتها أحوال الإنسان، وما يقع فى القلب من مسرات ومساءات..
قوله تعالى :« يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ. أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً » ؟.
الحافرة : الحياة الأولى التي كان عليها الإنسان.. يقال رجع إلى حافرته، أي إلى الطريق الذي جاء منه..
والفعل « يقولون » هو الناصب للظرف :« يوم ترجف الراجفة » أي يوم ترجف الراجفة، متبوعة بالرادفة، متبوعة بقلوب يومئذ واجفة، أبصارها خاشعة ـ فى هذا اليوم يقول المشركون :« أإنا لمردودون فى الحافرة » أي أنردّ إلى الحياة الدنيا مرة أخرى بعد أن نموت، ونتحول إلى عظام بالية ؟ إن هذه الأحداث لتشير إلى أن هناك بعثا وحياة بعد الموت!! لقد قال الذين يحدثوننا عن يوم القيامة إن هناك إرهاصات تسبقه، وهذه هى الإرهاصات.. فهل يقع البعث حقا ؟ إن ذلك مما تشهد له هذه الأحداث!.
وهكذا تتردد فى صدورهم الخواطر المزعجة، والوساوس المفزعة.
قوله تعالى :« قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ »..
أي عندئذ، وبعد أن يعاين المشركون أمارات الساعة، وهم فى هذه الدنيا، وبعد أن يتبين لهم أن أمر البعث جدّ لا هزل، وأنه لا شكّ واقع ـ عندئذ « قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ » أي رجعة قد خسرنا فيها أنفسنا، إذ لم