ج ١٦، ص : ١٤٤٢
واللّه ـ سبحانه ـ هو الذي أخرج ضحى هذه السماء، وأضاء سراجها، وأوقده، بعد أن أخرجه من عالم الظلام.
والإشارة إلى الضحى، من بين أوقات النهار، إلفات إلى الوقت الذي يمتد فيه نور الشمس، فيغمر الآفاق كلها.. وهو ما يسّمى رائعة النهار.
قوله تعالى :« وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها. أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها. وَالْجِبالَ أَرْساها. مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ ».
أي واللّه سبحانه، هو الذي دحا الأرض، وبسطها، بعد أن رفع السماء وسواها..
وهو سبحانه الذي أخرج من هذه الأرض الماء الذي فيه حياة كل حى..
وبهذا الماء أخرج اللّه المرعى، أي ما يأكله الناس والأنعام..
والماء الذي يخرج من الأرض، هو من هذا الماء الملح، الذي سخرته القدرة الإلهية، ليكون بخارا، فسحابا، فمطرا، فماء عذبا تفيض به الأنهار، وتتفجر منه العيون.. وكما أخرج اللّه سبحانه الماء والمرعى من الأرض، أرسى فيها الجبال لتمسكها وتحفظ توازنها..
وقوله تعالى :« مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ » هو مفعول له، أي دحا اللّه الأرض وأخرج منها الماء والمرعى، متاعا لكم ولأنعامكم وزادا تتزودون به لحياتكم وحياة أنعامكم..
وفى جعل المرعى متاعا للناس والأنعام ـ إشارة إلى أن الناس والأنعام سواء فى هذا الرزق الذي أخرجه اللّه سبحانه وتعالى من الأرض، وأن العقل الذي امتاز به الناس على سائر الحيوان، ليس هو الذي يفيض عليهم هذا الرزق، وإنما هو فضل من فضل اللّه، ورزق من رزقه! إنهم يرزقون من فضل اللّه كما ترزق الأنعام.. سواء بسواء..