ج ١٦، ص : ١٤٧٠
فى ظاهر الأمر ـ أن يسأل الجاني لا المجنى عليه ـ فى هذا تشنيع على الجاني ومواجهة له بالجريمة التي أجرمها، ووضعها بين يديه، ليرى تلك الجناية الغليظة المنكرة، وليسمع من قتيلته التي ظنّ أنه سوّى حسابه معها، ليسمع منطقها الذي يأخذ بتلابيبه، ويملأ قلبه فزعا ورعبا..
أرأيت إلى قتيل يظهر على مسرح القضاء، هذ وقاتله فى موقف المحاكمة ؟ ثم أرأيت إلى هذا القتيل، وهو يروى للقاضى : لم قتل ؟ وكيف قتل ؟ ثم أرأيت إلى القاتل، وقد أذهله الموقف، فخرس لسانه، وارتعدت فرائصه، وانهار كيانه ؟ ذلك بعض من هذا المشهد الذي يكون بين الموءودة ووائدها يوم القيامة!.
وقوله تعالى :« وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ».
أي صحف الأعمال، حيث يقرأ كل إنسان ما سجل فى كتابه المسطور بين يديه..
قوله تعالى :« وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ »..
وكشط السماء، هو زوال هذه الصورة التي تبدو منها لنا فى الدنيا، وكأنها سقف سميك، فتبدو السماء حينئذ، وكأنها قد أزيلت من مكانها، فكانت أبوابا مفتحة تنطلق فيها الأرواح إلى ما شاء اللّه من علوّ، دون أن تصطدم بشىء يردّها..
قوله تعالى :« وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ. وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ».