ج ١٦، ص : ١٤٧٣
أي يتحركون تحت جنح الظلام، ليروا ماذا يجرى من أحداث يحدثها أهل الشرّ تحت هذا الستار من الظلام.. فالليل، متحرك، وليس ثابتا.. إنه يجرى إلى كناسه، كما تجرى الكواكب إلى كناسها..
قوله تعالى :« وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ » معطوف على قوله تعالى :« وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ » وتنفس الصبح، ظهوره، ودبيب الحياة فيه.
وفى التعبير عن ظهور الصبح بالتنفس، إشارة إلى أنه مولد حياة للأحياء جميعها، حيث تبعث الحياة من جديد فى الأحياء، مع الصباح، بعد أن غشيها النوم، وحبسها عن الحركة، فبدت وكأنها فى عالم الموتى.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ » (٦٠ : الأنعام) قوله تعالى :«إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ » هو جواب القسم المنفي :« فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ... » أي فلا أقسم لكم بالخنس، الجوار الكنس، ولا بالليل إذا عسعس، ولا بالصبح إذا تنفس ـ بأن أخبار يوم القيامة وأحداثها، واقعة لا شك فيها، وأن هذه الأخبار التي تحدثكم عن هذا اليوم، هى قول رسول كريم، هو رسول الوحى، جبريل عليه السلام، بلّغ به كلمات ربه إليه.. لا أقسم لكم بهذه العوالم على وقوع هذا الخبر، فإنه بيّن ظاهر..
(م ٩٣ التفسير القرآنى ـ ج ٣٠)