ج ١٦، ص : ١٤٧٧
الواو هنا للحال، أي من شاء منكم أن يستقيم، فليطلب الاستقامة، وليرد مواردها، وليأخذ بالأسباب إليها.. ثم إن مشيئتكم تلك مرتهنة بمشيئة اللّه العامة الشاملة، التي كل مشيئة منطوية تحتها، دائرة فى فلكها..
فالإنسان ـ وإن كانت له مشيئة ـ ليس بالذي يستقلّ بمشيئته عن مشيئة اللّه، فهو إذ يشاء شيئا، وإذ يمضى هذا الشيء، فإنما ذلك من مشيئة اللّه فيه..
وهذا ليس بالذي يدعو الإنسان إلى أن يعطل مشيئته، منتظرا مشيئة اللّه فيه، لأنه لا يعلم ما مشيئة اللّه فيه.. بل إن عليه أن يعمل مشيئته، كما يعمل جوارحه جميعها، فإذا وافقت مشيئته مشيئة اللّه، مضت ونفذت، وإن خالفت مشيئة اللّه لم تمض، ولم تنفذ، ومضت مشيئة اللّه! هذا هو المطلوب من العبد.. فإن أعطى مشيئته ما ينبغى أن يقدّمه بين يديها من بحث ـ ونظر، وعقل ـ جاءت مشيئته قائمة على طريق الحق، مثمرة له أطيب الثمر، تماما، كما إذا أيقظ حواسه، وعمل بها فى المحسوسات، كان له من معطياتها ما يصله بالحياة وصلا وثيقا، ويقيمه على طريقها دون أن يتعثر، أو يضلّ!