ج ١٦، ص : ١٤٩٣
قال :« أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ».
. إنه يغمض عينيه عن هذا النور المشع، الذي يبدّد ظلام ليله الغارق فى. لذاته، بتلك القولة الضالة التي يقولها عن كتاب اللّه :
« أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ » !! وكلا.. ليس الأمر كما زعم، ضلالا، وافتراء.. وإنما قد ران على قلبه هذا الإثم الذي غرق فيه، فلم يعد يرى حقّا، أو يهتدى إلى حقّ! و« رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ » أي غطى على قلوبهم.. والرّين على الشيء حجبه، وتغطيته.
وقوله تعالى :«كَلَّا.. إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ».
هو توكيد لهذا الرّين الذي غطى قلوبهم، وأنه قد صحبهم إلى الآخرة، فحجبهم اللّه سبحانه وتعالى عن رؤيته، وعن موقع رحمته وإحسانه، كما حجبوا هم أنفسهم بآثامهم عن رؤية الحقّ فى الدنيا.
وقوله تعالى :« ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ، ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ».
أي وليس حجبهم عن اللّه سبحانه وتعالى فى الآخرة، وبعدهم عن مواقع رحمته، هو كل جزائهم فى الآخرة، وإن كان جزاء أليما، وعقابا زاجرا، بل إن وراء هذا نارا تلظّى، يلقون فيها، ويكونون حطبا لها.. ثم لا يتركون هكذا للنار تأكلهم، وترعى فى أجسامهم، بل ينخسون بهذه القوارع، بما يرجمون به من كل جانب، من ملائكة جهنم وخزنتها بقولهم لهم :« ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ » فذوقوه لتعلموا إن كان ما كذبتم به حقا أو غير حق، واقعا أو غير واقع :« فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا » ؟
(٤٤ : الأعراف)