ج ١٦، ص : ١٥١٩
كبأس أبطال الحرب وقوتهم، وأنهم فى حرب مع أولياء اللّه، يلبسون لباس الحرب دائما.
قوله تعالى :« بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ، وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ » هو إضراب عن انتفاع المشركين بهذه العبر والمثلات، التي يقصها اللّه سبحانه وتعالى من أخبار القرون الأولى، وما أخذ به أهل الضلال والسفه والعناد.. فالذين كفروا « فى تكذيب » أي هكذا شأنهم دائما، هم فى سلسلة لا تنقطع من التكذيب لكل ما يسمعون من آيات اللّه، دون أن يصغوا إلى ما يسمعونه، أو يعقلوه.. فالتكذيب بآيات اللّه وبرسل اللّه، هو الظرف الذي يحتويهم فى كل زمان ومكان..
وقوله تعالى :« وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ » تهديد لهم بأن اللّه سبحانه وتعالى محيط بهم، وهم فى غفلة عن هذا، وهم لهذا سيؤخذون دون أن يشعروا، لأنهم غافلون عن علم اللّه، وعن قدرته، ذاهلون عن عقابه الراصد للمجرمين الضالين..
وقوله تعالى :« بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ » هو إضراب عن هذا الإضراب.. وذلك أن المشركين، وإن لم ينتفعوا بما فى القرآن، ولا بشىء من نوره الذي يملأ الآفاق.. فهو قرآن مجيد، أي عالى القدر، رفيع الشأن لا ينال منه هذا النباح، ولا يصل إلى سمائه هذا العواء، من المشركين الضالين.. أنه فى لوح محفوظ عند اللّه، وفى كتاب مكنون، ولا يمسّه، ولا يصافح نوره، إلّا من طهرت أنفسهم من دنس الكفر ورجس الضلال..