ج ١٦، ص : ١٥٣٤
يلقون فى هذه النار، سيخلدون فيها، وهو خلود فى عذاب شديد ـ وقانا اللّه شره ـ وأن الحياة فى هذا العذاب ليست حياة يجد فيها الحي طعما للحياة، وليست موتا يستريح فيه من هذه الحياة.. فلا هو فى الأحياء، ولا فى الأموات، إنه فى حياة متلبسة بالموت، وفى موت ملبس بالحياة :« وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ » وهذا أقسى ألوان الحياة وأشدها..
قوله تعالى :« قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى »..
الذين لا تنفعهم الذكرى، هم الأشقياء الذين غلبت عليهم شقوتهم فلم تخشع قلوبهم لذكر اللّه وما نزل من الحق.. فكان مصيرهم النار، لا يموتون فيها ولا يحيون.. ذلك، على حين قد أفلح من تزكى، أي تطهر من أوضار الكفر والضلال، فآمن باللّه، وذكر اسم ربه، وأقام الصلاة.
وقوله تعالى :« وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى » ـ إشارة إلى أن الصلاة مرتبة على ذكر اللّه، فمن لم يذكر اللّه سبحانه، ويستحضر جلاله وعظمته فيما يذكر من أسمائه وصفاته ـ لا يخشع قلبه للّه، ولا يصلّى له..
وفى ذكر الصلاة على أنها الأثر المترتب على ذكر اللّه ـ إشارة إلى أن الصلاة، بما فيها من ولاء، وخشوع، وركوع، وسجود، هى أكمل الوسائل وأعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ومن هنا كانت رأس العبادات..
وملاك الطاعات.. وهى شريعة كل نبى، ودعوة كل رسول إلى قومه، بعد الإيمان باللّه.. فيقول سبحانه عن إسماعيل :« وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا » (٥٥ : مريم) ويقول سبحانه على لسان عيسى :
« وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا » (٣١ : مريم).
وفى ذكر اللّه سبحانه وتعالى بالربوبية من بين أسمائه الكريمة كلها ـ