ج ١٦، ص : ١٥٧٠
« فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ » (٩٢ ـ ٩٣ : الحجر)..
وقد وزنه اللّه سبحانه وتعالى بهذا القسم، فرجح ميزانه ميزان السموات والأرض، إذ أقسم بهما الحق جل وعلا مضافين إلى ذاته العلية فى قوله جل شأنه :« فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ » (٢٣ : الذاريات)..
ولكن شتان بين قسم اللّه سبحانه وتعالى بذاته مضيقا إليها الرسول الكريم، فى مقام الخطاب، وبين قسمه سبحانه بالسماء والأرض، مضافتين إلى ذاته ـ جل وعلا ـ فى مقام الغيبة..! فصلوات اللّه وسلامه عليك يا رسول اللّه، صلاة تنال بها شفاعتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللّه بقلب سليم.
قوله تعالى :« لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ »..
هو جواب للقسم المطوىّ، فى كيان القسم المنفي..
والإنسان هو ثمرة من ثمرات التوالد بين الأحياء، سواء فى هذا، الوالد، والولد..
والكبد : المعاناة والشدة..
والظرف :« فى » هو المحتوى الذي يضم الإنسان، وما يلاقى فيه من كبد..
فحياة الإنسان ـ كل إنسان ـ فى هذه الدنيا، هى شدائد، ومعاناة.
فما يسلم إنسان أبدا من هموم الحياة وآلامها، النفسية، أو الجسدية، فكم يفقد الإنسان من صديق وحبيب ؟ وكم يتداعى على جسده من أمراض وعلل ؟ وكم ؟
وكم ؟ مما يطرق الناس من أحداث على مر الأيام، وكر الليالى ؟ فالشباب يذبل


الصفحة التالية
Icon