ج ١٦، ص : ١٦٠١
قوله تعالى :« وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى » أي ولسوف يلقاك ربك بالعطايا والمنن، حتى تقر عينك، وينشرح صدرك، وذلك بما ينزل عليك من آيات ربك، وبما يحقق لدعوتك من نصر وتمكين.
وقوله تعالى :« أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى، وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى » هذا من بعض ما أعطى اللّه النبي، فيما مضى، ولسوف يعطيه أكثر وأكثر فيما يستقبل من الحياة..
فإذا نظر النبي إلى نفسه، من مولده إلى يومه هذا الذي لقيته فيه تلك الآيات ـ وجد أنه ولد يتيما، فكفله اللّه، وأنزله من جده عبد المطلب، وعمه أبى طالب، منزلة أعز الأبناء وأحبهم إلى آبائهم.. ثم إذا نظر مرة ثانية إلى شبابه، وجد أنه كان قلق النفس، منزعج الضمير، مما كان يرى من الحياة الضالة التي يعيش فيها قومه، ولم يكن يدرى كيف يجد لنفسه سكنا، ولقلبه اطمئنانا وسط هذا الجوّ الخانق، فهداه اللّه إلى الخلوة إلى نفسه فى غار حراء، والابتعاد عن قومه، والانقطاع إلى ربه متحنّثا متعبدا، متأملا متفكرا.. وقد ظل هذا شأنه إلى أن جاءه وحي السماء، فسكب السكينة فى قلبه، والطمأنينة فى نفسه.. إنه صلوات اللّه وسلامه عليه، كان يرى أن ما عليه قومه ليس مما يدين به عاقل، أو تستقيم به حياة العقلاء، ولم يكن يدرى ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ كيف م ١٠١ التفسير القرآنى ج ٣٠


الصفحة التالية
Icon