ج ١٦، ص : ١٦٢٤
جبريل، وبين النبي ثلاث مرات :« اقرأ ».
. « ما أنا بقاري! » أي لا أعرف القراءة..
وفى هذا تنويه بشأن القراءة. وأنها السبيل إلى المعرفة والعلم..
ثم إن الأمية، وإن كانت حائلة بين المرء وبين أن يقرأ فى كتاب، فإنها لا تحول بينه وبين العلم والمعرفة، فهناك كتاب الوجود، الذي يقرأ الإنسان آياته بالنظر المتأمل فيه، والبصيرة النافذة إلى أسراره، وعجائبه.. ثم هناك التلقي عن أهل العلم، ممن يقرءون ويدرسون.. فليكن الإنسان قارئا أبدا، على أي حال من أحواله، قارئا بنفسه، أو قارئا متابعا لغيره.
أما أمية النبي الكريم، فهى أمية مباركة، قد فتحت عليه خزائن علم اللّه، إذ بعث اللّه سبحانه وتعالى إليه رسولا من عنده يقرأ عليه كتاب اللّه، ويملا قلبه هدى ونورا منه..
ولهذا كان النبي قارئا، فقرأ حين أقرأه جبريل :« اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ».
وقوله تعالى :« اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ » أي اقرأ بأمر ربك، أي أن جبريل يقول : هذا الأمر الذي آمرك به ليس بأمرى، وإنما هو بأمر ربك، الذي يدعوك إلى أن تقرأ ما أفرئك إياه، من كتاب ربك.. وهذا مثل قوله تعالى :« وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ » (٢٧ : الكهف). وقوله تعالى :« فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ »
(١٨ : القيامة).
وقوله تعالى :« الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ » ـ هو بيان لقدرة اللّه سبحانه وتعالى، وأنه هو الخالق وحده لا شريك له، وأنه هو الذي بقدرته


الصفحة التالية
Icon