ج ١٦، ص : ١٦٤٤
أي مائلين عن أي طريق غير طريق اللّه.. وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.
فهذا هو شرع اللّه، وتلك أحكام شريعته لكل المؤمنين بشرائع السماء.. إنها جميعا تقوم على هذه الأصول الثابتة :
وأولها الإيمان باللّه وحده، إيمانا خالصا من كل شرك، مبرأ من كل ما لا يجعل للّه سبحانه وتعالى التفرد بالخلق والأمر.
ثم إقام الصلاة، التي هى مظهر الولاء للّه، وآية الخضوع لجلاله وعظمته..
ثم إيتاء الزكاة، التي هى أثر من آثار الإيمان باللّه، الذي من شأنه أن يقيم المؤمنين باللّه على التوادّ والتراحم، والتعاطف فيما بينهم، كما يقيمهم الولاء للّه، والخضوع لجلاله وعظمته، كيانا واحدا فى محراب الصلاة له..
وإذا كان هذا هو ما تدعو إليه الشرائع السماوية جميعا، وإذا كان هذا ما تدعو إليه شريعة الإسلام ـ فإن الذي يفرق بين هذه الشرائع وبين شريعة الإسلام، هو جائر عن طريق الحق، معتد على حدود اللّه.. إذ كانت شرائع اللّه كلها ـ سابقها ولا حقها ـ حرم اللّه وحدوده التي حدها لعباده :« وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ».
. ولهذا كانت دعوة الإسلام قائمة على الإيمان بشرائع اللّه كلها، وبرسل اللّه كلهم :« قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ » (١٣٦ : البقرة) قوله تعالى :« وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ »..
أي الدين القيم، أي المستقيم، أو دين الملة أو الأمة المستقيمة على الحق القائمة بالقسط ـ فكل من خرج على هذا الدين فهو على غير دين اللّه، كما يقول


الصفحة التالية
Icon