ج ١٦، ص : ١٦٥١
وفى التعبير عن خبء الأرض، وما تخرجه من بطنها بلفظ الأخبار ـ إشارة أخرى إلى أن هذه الأسرار المضمرة التي كانت مخبوءة فى صدر الأرض، قد أعلنت وأصبحت أخبارا يعلمها الناس جميعا.. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم بقوله، وقد سئل صلوات اللّه وسلامه عليه عن معنى قوله تعالى :« يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ».
. فقال :« أتدرون ما أخبارها » ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم. قال :« أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها..
تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا.. »

وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى :« يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها » أي تنشر أخبارها، وتظهر أسرارها، وتخرج خبأها..
«إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها، وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ».
. فالضمير « ها » الذي يعود إلى الأرض فى « زلزالها » و« أثقالها » و« ما لها » و« أخبارها » يشير إلى أمور خاصة بالأرض فى هذا اليوم، يوم ينفخ فى الصور، للبعث والنشور.. فللأرض فى هذا اليوم زلزالها الذي ينتظرها، ولها أثقالها التي تخرجها، ولها هذا التساؤل الذي يتساءله الناس عنها، ولها حديثها الذي تحدثه للناس، وعن الناس، فى هذا اليوم الموعود.
وليس هذا الذي رآه الناس من أحداث الأرض يومئذ هو من تلقاء نفسها، وإنما ذلك بما أوحى به إليها ربّها، وما أمرها اللّه به، فامتثلت له، وأمضته كما أمر اللّه..
وفى قوله تعالى :« أوحى لها » ـ إشارة إلى أنها بمجرد الإشارة إليها من اللّه، خضعت لمشيئة اللّه.. فلم تكن فى خضوعها لربها محتاجة لأن يردّد عليها القول، أو يؤكد لها الأمر.. بل هو مجرد اللمح والإشارة.. وهذا هو شأن


الصفحة التالية
Icon