ج ١٦، ص : ١٦٧٨
والقرآن الكريم، لا يشير إلى هذا الداء ـ داء الجدري ـ الذي يقال إنه هو الذي هلك به أبرهة وجيشه، وإنما يتحدث عن طير أبابيل، رمت القوم بحجارة من سجيل، فجعلتهم كعصف مأكول، كما يقول سبحانه :
«أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ » وهو استفهام تقريرى تنطق به الحال المشاهدة..
والتضليل : الضياع، والخيبة، والبوار..
وقوله تعالى :« وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ »..
الأبابيل : الجماعات، والأسراب التي يتبع بعضها بعضا..
وقوله تعالى :« تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ.. ».
أي أن هذه الأسراب من الطير كانت ترمى القوم بحجارة من سجيل..
وهذه الحجارة لا يدرى حقيقتها إلا اللّه سبحانه وتعالى، والأوصاف التي يصفها بها المفسرون والمحدّثون لا ينبغى الوقوف عندها.. وهل يسأل عن عصا موسى وكيف كانت تنقلب حية ؟ وعن يد عيسى وكيف كانت تبرئ الأكمه والأبرص، وعن كلمته، وكيف كانت تحيى الموتى ؟.. إنها آيات من عند اللّه، وآيات اللّه، وإن لبست فى الظاهر صورا حسية، فإن فى كيانها أسرارا لا يعلمها إلا علام الغيوب.. وهذه الطير، هى طير، والذي كانت تحمله وترمى يه القوم، هو حجارة من سجيل.. أما جنس هذا الطير، وصفته، وأما الأحجار وصفتها فذلك ما لا يعلمه إلا اللّه، والبحث عنه رجم بالغيب..


الصفحة التالية
Icon