ج ١٦، ص : ١٦٩١
تعالى ذكره فى العالمين إلى يوم الدين. وحسبه أن أسرى به مولاه إلى السموات العلا، واستضافه فى الملأ الأعلى، وأراه من آيات ربه الكبرى.. « أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ، وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ »..
« أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى، وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى »..
« وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً »
(١١٣ : النساء).. « وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى »..
هذا بعض ما أعطى اللّه سبحانه نبيّه الكريم، وإنّ عطية واحدة من هذه العطايا لنملأ الدنيا كلها خيرا وبركة، وتسع الناس جميعا سعادة ورضا! وهذا هو ميزان الرسول الكريم عند ربه، دون الناس جميعا.. وإنه ميزان ليرجح كل ما أعطى الناس من جزيل عطايا اللّه سبحانه وتعالى ومننه..
فكل ما أعطى الناس بعد هذا، أو قبل هذا، من مال وبنين، ومن علم ومعرفة، ومن هدى ونور، وكل ما أصابوا من خير مادى أو معنوى ـ هو من بعض هذا الذي أعطى رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه.. فما أعظم هذا الغنى وما أطيبه، وما أبقاه وأخلده.. « وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى » (١٣١ : طه) وهل يلتفت رسول اللّه بعد هذا إلى ما عند الناس مما رزقهم اللّه من مال وبنين ؟ وهل يرى شيئا من حطام الدّنيا يجرى مع هذا الذي أعطاه اللّه، ويأخذ له مكانا فيه ؟ وهل تشتهى نفس بين يديها مائدة حافلة بطيب الطعام، وصنوف المآكل، إلى فتات فى مزبلة يتداعى عليها الذباب ؟
وقوله تعالى :« فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ».
الفاء هنا للسببية، والتعقيب على هذه البشرى المسعدة التي شرح سبحانه