ج ١٦، ص : ١٧٢٧
تزول وتختفى.. فهذا الحسد الذي لا يجد من صاحبه قلبا مفتوحا له، أو نفسا راضية عنه، هو حسد قد تولى صاحبه دفعه عن الناس، وأطفأ ناره قبل أن تمتد إلى أحد، ومن هنا لم يكن وراءه شر يستعاذ به منه..
هذا، وقد تكرر لفظ « شر » أربع مرات، مضافا فى كل مرة إلى جهة خاصة غير الجهات الثلاث، وذلك لأن الشر الناجم من كل جهة منها مختلف عن غيرها..
[النبي.. وحديث السحر] هذا ما يفهم من منطوق آيات اللّه فى قوله تعالى :« وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ ».
. وهو فهم يتفق مع سياق السورة، ومع سورة الإخلاص التي سبقتها، وسورة الناس التي جاءت بعدها، والتي كان من ثلاثتها خاتمة كتاب اللّه على ترتيبه فى المصحف، الذي رتبت سورة بتوقيف من اللّه تعالى، على ما وقع فى يقيننا.
ولكن بعض المفسرين قد ذهب فى فهم هاتين الآيتين فهما آخر، إذ زعم أن سورتى الفلق، والناس نزلتا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليسترقى بهما من السحر الذي أصابه، والذي كان قد صنعه به رجل يهودى، يدعى لبيد بن الأعصم.. وقد استند هؤلاء المفسرون فى هذا على ما جاء فى صحيحى البخاري ومسلم وغيرهما من كتب الحديث، من حديث هذا السحر الذي يقال إنه أصاب رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليه.
روى البخاري، عن هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه. ، عن عائشة ـ رضى اللّه عنها ـ قالت :