ج ١٦، ص : ١٧٣٣
يطلع اللّه نبيه عليه ؟ ولم يحرص النبي على استخراجه من البئر إذا لم يكن له أثر ؟
وأي دلالة على صدق النبي فى استخراج شىء لا أثر له فى واقع الحياة ؟
ويقول الإمام محمد عبده، تعقيبا على حديث السحر :
« وقد قال كثير من المقلدين الذين لا يعقلون ما هى النبوة، ولا ما يجب لها :
« إن الخبر بتأثير السحر فى النفس الشريفة ـ يقصدون نفس النبي ـ قد صحّ، فيلزم الاعتقاد به.. وعدم التصديق به من بدع المبتدعين، لأنه ضرب من ضروب السحر، وقد جاء القرآن بصحة السحر »
!.
ويعلق الإمام محمد عبده على هذه المقولة بقوله :
«فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح، والحق الصريح فى نظر المقلد ـ بدعة ؟ نعوذ باللّه! « يحتج بالقرآن على ثبوت السحر « ١ »، ويعرض عن القرآن فى نفيه السحر عنه صلى اللّه عليه وسلم، وعدّه من افتراء المشركين « ٢ » عليه ويؤول القرآن فى هذا، ولا يؤول فى تلك، مع أن الذي قصده المشركون ظاهر، لأنهم كانوا يقولون : إن الشيطان يلابسه ـ عليه السلام ـ وملابسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم، وضرب من ضروبه، وهو بعينه أثر السحر الذي نسب إلى لبيد بن الأعصم.. فإنه ـ أي السحر الذي سحره بن الأعصم ـ قد خالط عقله (أي عقل النبي) وإدراكه فى زعمهم..
_________
(١) أي بما جاء فى سورة البقرة، عن الملكين اللذين يعلمان الناس السحر.
(٢) وهو ما رد اللّه به على المشركين قولهم :« إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً » فرماهم اللّه سبحانه بقوله :« انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ».


الصفحة التالية
Icon