ج ١٦، ص : ١٧٤١
هناك إذن ثلاثة مواقف للعلماء من هذا الحديث، حديث السحر..
موقف من يردّه، ويأبى التسليم به، تنزيها لمقام النبوة، وتأكيدا لعصمة النبي..
وموقف من ينصر هذا الحديث، ويحاول تخريجه على ما يحفظ للنبوة مقامها، ويبقى على النبي عصمته..
وموقف من تجنب الخوض فى هذه المعركة، مهاجما أو مدافعا، فلم يعرض لهذا الحديث بإشارة من قريب أو من بعيد..
وإنى إذ أسأل نفسى أىّ موقف من هذه المواقف أنحاز إليه، وآخذ مكانى فيه، ما دمت قد أقحمت نفسى فى زمرة العلماء الدارسين لكتاب اللّه ـ لأجدنى محمولا حملا لا شعوريا على التوقف فى هذا الحديث، ثم على تركه وعدم الأخذ به.. وذلك لأمور :
أولهما : أنه ليس حديثا يروى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ـ يريد به أمرا من أوامر الدين، أو نهيا من نواهيه، أو يبغى به نصحا أو إرشادا مما يتصل بالشريعة وأحكامها وآدابها..
فهذا الحديث ـ إن صح ـ لا يعدو أن يكون خبرا عن حال من أحوال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، الخاصة به، والتي لا يطلع عليها غير خاصة أهله كالسيدة عائشة رضى اللّه عنها.. فهذا الحديث ـ إن صح ـ لم يرد إلا عن السيدة عائشة، وهذا يعنى أن هذا العارض الذي عرض للنبى ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ لم يكن له أي أثر خارج بيت الرسول، وخارج صلته بالسيدة عائشة بالذات، والتي قيل إن رسول اللّه حبس عنها ستة أشهر، وفى بعض الروايات سنة.. ولو كان هذا العارض الذي عرض للنبىّ ذا أثر فى غير هذه


الصفحة التالية
Icon