ج ١٦، ص : ١٧٤٣
وماذا يبقى من النبي ـ بل من أي إنسان ـ إذا أصيب فى عقله، واختلط فى تفكيره، حتى ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله، ويأتى أزواجه وهو لا يأتيهن ؟
أما كان من الجائز، بل من الواقع الذي لا يمكن توقيه ـ أن يحدث النبي ـ وحاشاه ـ فى شرع اللّه حدثا، فيقول ـ وهو لا يدرى ـ ما يحسبه المؤمنون المتلقون عنه ـ أنه قرآن أو سنة، وهو ليس بقرآن ولا سنة، فيأخذون به ويقيمون دينهم عليه ؟ أم ترى أن المسلمين ـ وقد عرفوا ما بالنبي ـ عزلوه عن النبوة خلال تلك المدة، فلم يسمعوا ما يقول، ولم يقبلوه منه ؟ وكيف واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » ؟
(٧ : الحشر) أمسلمون بلا نبىّ، والنبي فيهم ؟ أم نبى ولا مسلمون، والمسلمون ألوف، وألوف بين يديه.. ؟
وثالثها : المعروف المؤكد من سيرة الرسول أنه كان إمام المسلمين فى الصلوات الخمس، فى الحضر، وفى السفر ـ فهل كان النبىّ خلال هذا العارض الذي عرض له ـ وقد امتدّ أشهرا ـ هل كان يقيم للمسلمين صلاتهم دون أن يختلط عليه أمر الصلاة، فى أقوالها، وأفعالها ؟ وكيف كان يمكن أن يتحقق من أنه جالس، أو قائم، أو راكع، أو ساجد.. وهو فى حال يحيّل إليه فيها أنه يفعل الشيء ولا يفعله ؟
لقد كان الرسول صلوات اللّه عليه حريصا على أن يقيم للمسلمين صلاتهم حتى فى مرض موته، فكان يتحامل على نفسه، ويمضى إلى المسجد ـ لا تكاد تحمله قدماه ـ مستندا من جانبيه على صاحبين من صحابته، حتى ثقل عليه المرض فى اليومين الأخيرين من حياته فى هذه الدنيا، فأمر أبا بكر بأن يصلّى بالناس..