ج ٢، ص : ٣٩٤
يسبقها ولا يلحقها عدم، وبالقيومية المبسوط سلطانها على كل شىء، القائم أمرها على كل شىء ـ هذا الإله هو الذي نزل الكتاب على محمد ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ فمن هذا المقام الكريم الذي لا يطاول ولا يسامى كان متزّل هذا الكتاب الكريم، الذي يقول فيه المشركون والمنافقون ـ زورا وبهتانا ـ إنه من معطيات محمد، تلقاه من أصحاب العلم من أهل الكتاب، ولقنه من مدارسة الدارسين.. كما حكى القرآن الكريم ذلك عنهم فى قوله تعالى :« إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ » (١٠٣ : النحل) وقوله سبحانه :« وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا » (٥ : الفرقان) وقد جاء هذا القرآن بالحقّ الذي لا مرية فيه، لأنه من ربّ العالمين، جاء مصدقا لما سبقه من الكتب السماوية، لأنها جميعها من مصدر واحد، جاءت من الحق بالحق كما يقول سبحانه :« وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ » (١٠٥ : الإسراء) واللّه سبحانه الذي أنزل القرآن بالحق، هو الذي أنزل التوراة والإنجيل من قبل هدّى للناس، وأنزل الفرقان أي القرآن كذلك هدى للناس.
فالذين يكفرون بآيات اللّه التي أنزلها اللّه على رسله، وأودعها كتبه، لهم عذاب شديد، أعده اللّه لهم يوم القيامة، ولن يعصمهم من اللّه عاصم ـ ولن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا، « وَاللَّهُ عَزِيزٌ » عزّ سلطانه، وقد اعتز هؤلاء السفهاء بسفههم، فتطاولوا على حماه، وكفروا بآياته، واستخفوا بها. « ذو انتقام » يأخذ بنقمته من استخف بعزته! وفى الآيتين الكريمتين مسائل، منها :
أولا : قوله تعالى :« نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ » فيه إشارة إلى أن القرآن