ج ٢، ص : ٤٢٣
السلام، وقتلوا كثيرا من صلحائهم ودعاة الخير فيهم.. وقد توعدهم اللّه سبحانه وتعالى بالعذاب الأليم..
على أن واحدة من هذه الجرائم المنكرة تكفى فى تجريم صاحبها، وفى سوقه إلى العذاب الأليم، فالكفر وحده، يحبط كل عمل :« وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ » (١٠٤ : البقرة).
والقتل العمد وحده، يوجب الخلود فى النار :« وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً » (٩٣ : النساء) فكيف بقتل أنبياء اللّه ورسله ؟.
ولكن ما ذكر من هذه الجرائم هو تسجيل للواقع الذي حدث ـ كما ذكرنا من قبل ـ وهو تشنيع على أولئك اليهود الذين وقفوا من الدعوة الإسلامية موقف المحادّة والخلاف، كما وقف أسلافهم من قبل، مع أنبياء اللّه فيهم، ورسله إليهم. فما أشبه الأبناء بالآباء، والخلف بالسّلف، فى المكر بآيات اللّه والزيغ عن الهدى، والإعنات للأنبياء.. وقد سجل القرآن الكريم عليهم هذا الموقف الذي يصل حاضرهم بماضيهم، على طريق الكفر والضلال، فقال تعالى :« وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » (٩١ : البقرة)..
فهل يلتقى الإيمان وقتل المؤمنين ؟ بل وقتل حملة الإيمان ودعاته، من الأنبياء والرسل ؟
وفى قوله تعالى :« وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ » هو تقرير لما حدث، وإعلان لما تكشف من تلك الحرائم الشنعاء، التي أريقت فيها دماء الأنبياء،