ج ٢، ص : ٤٦٣
التفسير : عجبت مريم لهذا الأمر العجيب، الذي تحدثها الملائكة به من عند ربها.. أن تلدا مولودا من غير أن تتصل بزوج! وكيف ؟ وما ذا تقول للناس ؟ ومن يسمع لها أو يصدق قولها ؟ وأنّى لها القوة التي نحتمل بها لذعات الألسنة، وغمزات العيون، وهمسات الشفاه ؟ إنها تجربة فريدة فى عالمها، لم تكن لامرأة قبلها، فكيف لها باحتمالها، واحتمال تبعاتها ؟
وفى وداعة العابدة المتبتلة، ولطف العذراء وحيائها.. نسأل ربها :
« رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ؟ » ويجيبها رسول ربها :
«كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ».
. لا حدود لقدرته، ولا ضوابط من نواميس الطبيعة التي نعلمها، بالتي تحول بين قدرة اللّه وبين أن تأتى بما لا نحسب ولا نقدر! وفى قوله تعالى هنا « اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ » وقوله فى إجابة زكريا :
« اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ » مراعاة تامة للمقام هنا وهناك.
ففى أمر مريم عملية خلق كاملة. فناسبها قوله تعالى :« اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ »