ج ٢، ص : ٤٩٨
اليهود يرون اللّه وكأنه أحد أغنيائهم، وأنه بقدر ما ينفق، يكون النقص فيما بين يديه من مال، ولو استمر فى الإنفاق لنفد ما بين يديه.. وفيهم يقول اللّه تعالى :« قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً » (١٠٠ : الإسراء).
وللإنسان أن يذهب مذهب التقتير، لأنه إنسان، ملكه محدود وإن بلغ ما بلغ من كثرة واتساع، وتعالى اللّه علوا كبيرا أن ينظر إليه وإلى فضله هذا النظر الذي يجعله والناس على سواء وقد كشف اللّه سبحانه وتعالى عن هذا الخلق اللئيم المندسّ فى طبيعة اليهود، وهو الحسد القاتل، الذي يأكل صدورهم، إذا نال أحد من الناس خيرا.. يقول اللّه تعالى :« أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ « ١ » يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ « ٢ » وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً » (٥١ ـ ٥٢ ـ ٥٣ : النساء).. إنها كزازة نفس، وسوء خلق، وفساد ضمير، وأنانية فاتلة، وشحّ لئيم.
وقوله تعالى :« يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » رد ثالث على اليهود بأن فضل يقع حيث يشاء، وينزل حيث أراد اللّه أن ينزل :« اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ » وفضل اللّه عظيم، ورحمته واسعة « فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً » (٧٨ : النساء)
_________
(١) وهم اليهود.
(٢) أي الضلال والبهتان. [.....]


الصفحة التالية
Icon