ج ٢، ص : ٥٠٣
الحساب.. فقال تعالى « إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا ».
. فهم قد نقضوا عهد اللّه، وما عاهدهم عليه فى قوله سبحانه :
«وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ » وقد كذب أهل الكتاب هؤلاء على اللّه، وبدلوا آياته، وأنطقوا كتابه بما أملته أهواؤهم، وحلفوا على هذا البهتان، وأكّدوا هذا الزور بأيمان بالغة.
وهم بهذا الإثم الذي ارتكبوه قد باعوا آخرتهم، لقاء قليل من حطام الدنيا.
فإذا كانت الآخرة جىء بهم إليها وليس لهم نصيب من نعيمها، وإنما لهم ما ينتظرهم من نكال وعذاب.. « أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ » والخلاق الحظ والنصيب « وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ » فهم مطرودون من رحمة اللّه، مبعدون من مواطن رضاه ومغفرته.. لا يكلمهم اللّه، حين يكلم عباده الذين رضى عنهم، لأنهم ليسوا أهلا لأن يسمعوا كلام رب العالمين، إذ أصمّوا آذانهم عن سماع كلماته التي حملها إليهم رسله الكرام..
ولا ينظر إليهم، نظر رحمة ومودة.. لأنهم أغمضوا أعينهم عن النظر فى آيات اللّه وتدبر ما فيها من هدى ونور.. ولا يزكيهم ـ أي ولا يطهرهم من الآثام التي حملوها معهم، ولا ينالهم بمغفرته ورحمته، كما يتجاوز لأهل مودته عن سيئاتهم. « وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » فتلك هى عقبى الذين كذبوا على اللّه، وبدّلوا نعمة اللّه كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار.


الصفحة التالية
Icon