ج ٢، ص : ٥١٠
إذ هم المؤمنون باللّه، وكتبه ورسله، فكل دعوة نبىّ هي دعوة جميع الأنبياء وأتباع الأنبياء، ومعاداة أي نبى وأتباع أي نبىّ هى محاربة للّه ولرسوله وللمؤمنين :« إنما المؤمنون إخوة » وأتباع الأنبياء، المؤمنون برسالات الأنبياء، هم جميعا إخوة، يجمعهم التوحيد باللّه، والعبودية للّه! وفى قوله تعالى :« لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ » اللام موطئة للقسم الذي تضمنه العهد والميثاق الذي واثق اللّه به النبيين وعاهدهم عليه، والتقدير « وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ » لئن آتيتكم النبوة وما معها من كتاب وحكمة « ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ».
وقوله تعالى :« مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ » وصف للرسول الذي يجب الإيمان به ونصرته، وهو أن يكون ما معه من كتاب، وما يدعو إليه من دين، قائما على السنن الذي دعا إليه أنبياء اللّه ورسله، من الإيمان باللّه الواحد الأحد، المنزه عن الشريك والولد، فمن دعا إلى غير هذه الدعوة فليس نبيا وليس رسولا، فما أكثر أدعياء النبوة، ومدّعى الرسالة.
قوله تعالى :« قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي » الإصر العهد الموثّق.. وفى استحضار النبيّين، وأخذ الإقرار من أفواههم، وإشهادهم عليه، ثم شهادة اللّه على ما شهدوا عليه.. كل هذا يدل على ما لهذا الأمر الذي عاهدهم اللّه عليه من شأن وخطر عظيمين :« قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ».
. وكفى باللّه شهيدا.
وقوله تعالى « فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ » توكيد لهذا العهد، وتجريم لمن نقضه، ووقف من أنبياء اللّه ورسله موقف المشاق المنابذ..