ج ٢، ص : ٥٣٦
أي أن اللّه سبحانه، قد فرض على الناس أن يحجوا إلى هذا البيت، وأن يذكروا اللّه فيه، لينالوا حظهم المقسوم لهم من نفحاته، وبركاته.
وكلمة « الناس » هنا تعنى النّاس جميعا، لا تخصّ أمة من الأمم، ولا تنحصر فى شعب من الشعوب، إنها دعوة اللّه إلى كل النّاس، أسودهم وأحمرهم، وأبيضهم، على السواء.. إنهم عباد اللّه، والبيت بيت اللّه.
وفى قوله تعالى :« مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا » قيد وارد على الأمر العام المطلق بالحج، فلا بد لنفاذ هذا الأمر، من الاستطاعة، فإذا فقد الإنسان الاستطاعة فلا حجّ عليه! والاستطاعة هنا استطاعة عامة، تشمل القدرة المالية، والقدرة الجسدية، كما تشمل أمن الطريق، وكما تشمل قبل ذلك كلّه، الإيمان باللّه.. فغير المؤمن باللّه، لا يتجه إلى بيته، ولا يسعى إليه.. فهو فى حكم غير المستطيع، إذ قام الكفر حجازا بينه وبين هذا البيت.
وفى قوله تعالى :« وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ » إشارة إلى أن الكافر صادّ عن بيت اللّه، لا يستجيب لهذا الأمر الذي دعا اللّه فيه الناس جميعا، أن يحجوا إلى بيته.. فكأنه جنس آخر غير جنس الناس المدعوين إلى بيت اللّه!
الآيتان :(٩٨ ـ ٩٩) [سورة آل عمران (٣) : الآيات ٩٨ إلى ٩٩]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (٩٨) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)