ج ٢، ص : ٦٨٦
وفى الجمع بين اتقاء حقوق اللّه، وحقوق ذوى الأرحام لفتات.. منها :
أولا : التنويه بشأن الصّلة التي تصل الإنسان بأصوله وفروعه، وأنها صلة يجب أن تقوم على التوادّ والتراحم، وأنّ فى رعايتها مرضاة للّه، واستكمالا لتقواه.
ثانيا : الإلفات إلى حقوق اللّه، وأنها حقوق عظيمة، لا يستطيع الإنسان الوفاء ببعضها، وأن الغفلة عنها، أو التفريط فيها عدوان على اللّه، وكفران به وبنعمه، وأنه إذا كان فرضا لازما على الإنسان أن يبرّ أبويه، ويرعى ذوى رحمه، بدواعى الانتساب إليهم، فإن حبّه للّه، ورعايته لحقوقه، بالتزام تقواه ـ أوجب وألزم، إذ كان نسبه إلى خالقه وربّه وإلهه هو النسب الحق الأصيل، وما سواه تبع وإضافىّ.
كذلك قرىء قوله تعالى :« وَالْأَرْحامَ » بالجرّ، عطفا على الضمير فى « به » فى قوله تعالى :« وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ » بمعنى واتقوا اللّه الذي تساءلون به وبالأرحام، أي الذي هو ملء خواطركم وأفكاركم، كما هو شأنكم مع أهليكم وذوى أرحامكم. فالإنسان أكثر ما يدور على لسانه، ويجرى فى خاطره، هم أهله وقرابته، وربما شغل الإنسان بأهله عن اللّه، وهذا ما نبّه اللّه سبحانه وتعالى إليه وحذّر منه فى قوله سبحانه :« قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ » (٢٤ : التوبة) ويقول تعالى :« فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً » (٢٠٠ : البقرة).. ومع هذا فإن


الصفحة التالية
Icon