ج ٢، ص : ٧٣١
وقوله تعالى :« وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ».
هو استكمال « للوصاة التي أوصى اللّه بها الرجال بالنساء.. ألا يرثوهن كرها أو يعضلوهن، وأن يعاشروهن بالمعروف، وأن يصبروا على ما يشعرون به من ضيق أو أذى منهن، فقد يكون من وراء ذلك خير كثير..
ثم إنه إذا لم يكن بد من الفرقة والطلاق، فليكن كما أمر اللّه :« تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ » فلا يعمل الرجل على أن يستردّ مما أعطاها من مهر شيئا، وألا يحملها حملا على أن تخلص من بين يديه، وأن تفتدى نفسها من عشرته بالمال..
وليقف عند أمر اللّه سبحانه :« وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً » إن ذلك عدوان عليها، وسلب لحق وقع فى يدها.. « أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً » فذلك ما ينكره اللّه، ويجزى عليه جزاء الآثمين.. والبهتان : هو العدوان، وتبرير هذا العدوان بطلاء زائف من التمويه والخداع.
وفى قوله تعالى :« وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً » إنكار بعد إنكار لأن تمتد يد إلى هذا الذي فى يد المرأة، التي أصبحت هى ومالها أمانة فى يد الزوج.. فكيف يخون الرجل أمانة من عاشره، واختلط به، وأصبح فى حال ما، بعضا منه ؟ وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ ».
. والإفضاء إلى الشيء الوصول إليه، والتغلغل فى صميمه.
والميثاق الغليظ : هو العهد القوىّ المؤكد، وهو ما أخذه اللّه على الرجال للنساء فى قوله تعالى :« وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ».
. وقد وضع اللّه هذا الميثاق الغليظ المؤكد فى يد المرأة. ليكون لها أن تقاضى الرجل به عند اللّه! وفى هذا تغليظ لهذا الميثاق الغليظ!