ج ٣، ص : ١٠٢٩
والتوراة التي هى شريعة اليهود ـ كما هى شريعة المسيحيين ـ تحرّم الخنزير، وقد التزم اليهود بهذا التحريم، وكذلك أتباع المسيح مدة حياته معهم، وشطرا كبيرا من عهد الحواريين بعده..
ولكن حين انتقلت الدعوة المسيحية إلى الوثنيين فى أوربّا، وكان لحم الخنزير من طعامهم، واقتناؤه وتربيته مصدر ثروة لهم ـ أباح لهم المبشرون بدعوة المسيح أن يأكلوا لحم الخنزير، حتى يقرّبوهم من دعوة المسيح، ويجذبوهم إليها..
ففى التوراة :« والخنزير لا تأكل.. يشقّ الظلف لكنه لا يجترّ..
فهو نجس لكم » (تثنية ١٤ : ٨).
فهذا حكم ملزم لأتباع هذه الشريعة، والتوراة هى شريعة اليهود والمسيحيين، كما قلنا، ولكن هكذا تلعب الأهواء حتى بشرائع السماء!! ولا ندرى كيف يخالف المسيحيون نصّا صريحا من كتابهم المقدس، يقرءونه ويتعبدون به ؟ ولا ندرى كيف يظلّ هذا النصّ الصريح فى الكتاب المقدس قائما بين أعينهم، ثم يخالفونه عن عمد وإصرار!.
وأكثر من هذا.. عملية الختان.. إنها شريعة التوراة، حيث تقول :
« قال اللّه لإبراهيم : هذا هو عهدى الذي تحفظونه بينى وبينك وبين نسلك من بعدك : يختن منكم كل ذكر، فتختنون فى لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بينى وبينكم... وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن فى لحم غرلته فقطع تلك النفس من شعبها.. إنه نكث عهدى » (تكوين ١٧ : ٩).
ولقد ختن المسيح نفسه، عملا بتلك الشريعة، ولكن حين انتقلت الدعوة المسيحية إلى الوثنيين من الرومان واليونان الذين لم يقبلوا الختان رفع عنهم هذا الحكم، كما رفع عن المسيحيين جميعا..