ج ٣، ص : ١٠٤٢
أما الرّجلان.. فقد اختلف فى قراءتهما، ولهذا اختلف فى الحكم الواقع عليهما.. إذ قرىء :« وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ » بالنصب بعطف أرجلكم على « فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ » كما قرىء بالجرّ، بعطف أرجلكم على رءوسكم. التي هى أقرب معطوف إليها.
فالذين قرءوا « وَأَرْجُلَكُمْ » بالنصب، قالوا إن غسل الرجلين إلى الكعبين فرض، شأنهما فى هذا شأن الوجه واليدين إلى المرافق..
والذين قرءوا وأرجلكم « بالجرّ ».
. قالوا : إن حكم الأرجل هنا هو حكم الرءوس، وهو المسح.. أي فامسحوا برءوسكم وامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين. ولكنّ هذا الحكم منسوخ بالسنّة، لما روى البخارىّ عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، قال :« تخلّف النبىّ صلى اللّه عليه وسلم فى سفر، فأدركنا وقد أرهقنا العصر ـ أي كاد يفلت منا وقته ـ فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى ـ أي رسول اللّه ـ بأعلى صوته :« ويل للأعقاب من النار » مرتين، أو ثلاثا.
وروى هذا الحديث عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص عن طريق آخر، قال :« خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق، تعجّل قوم عند العصر، فتوضئوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسسها الماء، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
« ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء ».
يقول ابن حزم فى التعليق على هذا الخبر :
« فكان هذا الخبر زائدا على ما فى الآية... وناسخا لما فيها.. ولما فى الآية (أي من أحكام) والأخذ بالزائد (أي ما جاءت به السنة هنا) واجب. ».