ج ٣، ص : ١٠٩١
يلتقون على خلاف فى مجال التوسّل بالأنبياء، والأولياء والصالحين..
فهذا الشّرر كثيرا ما يمتدّ إلى هؤلاء، الذين اختلف المختلفون فى التوسل إليهم، بين مغال فى التوسل، وبين مبالغ فى تحريمه وفى تكفير من يتوسلون!.
ففى الطرف المغالى فى التوسل يرمى دعاته وأنصاره بالقول جزافا، يكيدون به للطرف المقابل، الذي ينازعهم فيه، ويتهمهم بمرض قلوبهم، وفساد دينهم..
وإذا هم يبالغون ويبالغون فيما هم فيه، حتى ليبلغ بهم ذلك إلى حد الشرك الصّراح باللّه.
وفى الطرف الآخر، الذي يحارب التوسل ويعاديه، يجد المرء نفسه أنه فى حرب حقيقية، وأن عليه أن ينتصر فيها بأى ثمن، وأن يضرب فى الجبهة المعادية له بأى سلاح، وإذا هو من حيث لا يدرى يضرب فى وجوه الأنبياء والأولياء والصالحين أنفسهم، ولا يسأل نفسه ماذا جنى هؤلاء الكرام من عباد اللّه من جناية، حتى يرميهم بما يرميهم به.. من استخفاف بهم، وتطاول على مقامهم الكريم..
إن الدعوة بالرفق والحسنى فى هذا المقام، أليق بالإنسان، وأنجح لدعوته، وأسلم لدينه، إن كان أمره فى هذا قائما على النصح للّه ولرسوله وللمؤمنين، فلا خير فى داع يدعو إلى الخير، ثم يعود آخر المطاف بمحصول وفير من الوزر والإثم!.
وأيّا كان الأمر، فإن الذي ينبغى أن يكون فى يقين المسلم دائما هو التوقير والولاء لأنبياء اللّه، وأوليائه، والصالحين من عباده، وألا يدخل شىء من الضيم على ولائه وتوقيره لهم، ما يجنيه عليهم غيرهم، واللّه سبحانه وتعالى يقول :
« وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى » وقد عبد النصارى المسيح بن مريم، واتخذوه إلها من دون اللّه، ومع هذا فمقامه عند اللّه عظيم، لم ينله شىء مما جنى أتباعه