ج ٣، ص : ١١٠٤
الإسلامية، ورسالة رسولها محمد بن عبد اللّه.. وفى هذا دعوة لليهود أن يلتقوا مع رسالة الإسلام، وأن يؤمنوا كما آمن الناس، وإلا فهم على غير دين اللّه، إذا كان ما معهم من شرع لا يلتقى من شريعة الإسلام، فى الإيمان باللّه، وما شرع اللّه.
وقوله تعالى :« وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ » هو عطف على قوله سبحانه « يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ » أي ويحكم بها ـ أي بالتوراة ـ الربانيون والأحبار، مشهدين بما تلقوا على يد الرسل والأنبياء من شريعة التوراة، وكانوا هم أنفسهم شهودا على ما تلقوا.. وفى هذا تحريض لأحبار اليهود وعلمائهم الذين عاصروا النبوة والذين جاءوا بعدهم أن يكونوا على ما كان عليه أنبياؤهم، وحواريّو هؤلاء الأنبياء، من الحكم بما أنزل اللّه، دون تحريف، أو تبديل.. وإلا فهم ليسوا ربانيين ولا أحبارا.
وقوله سبحانه :« فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا » توكيد للدعوة التي دعى إليها هؤلاء الربانيون والأحبار، وهو أن يرقبوا اللّه ويتقوه فيما فى أيديهم من كتاب اللّه، وألا تغلبهم شهوة المال على الوفاء بعهد اللّه، وأداء الأمانة التي اؤتمنوا عليها.. والميثاق هو الذي واثقهم اللّه عليه فى قوله تعالى :« وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ » (١٨٧ : آل عمران).
وقوله تعالى :« وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » تهديد ووعيد لهؤلاء الرّبّانيين والأحبار، وحكم عليهم بالكفر الصريح، إذا هم لم يحكموا بما أنزل اللّه، ولم يلقوا الناس بما فى أيديهم من كتاب اللّه.