ج ٤، ص : ١٢١
أو شواطىء البحار، بالإضافة إلى هذا الكون العظيم.! فالسموات بصيغة الجمع صالحة لأن يدخل فيها من أعداد السماء ما لا حصر له.. بلا قيود ولا حدود آية واحدة، جاءت فى القرآن الكريم فجمعت بين السموات والأرض بما يشعر بالمساواة بينهما، وهى قوله تعالى :« اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ » (١٢ : الطلاق).
فالمثليّة هنا قد حملها المفسرون على المثلية فى العدد، وأنه كما أن هناك سبع سموات، فهناك سبع أرضين.. وقد أكثروا من القول فى هذه الأرضين، وفى اسم كل أرض، كما قالوا ذلك فى السموات السبع، واسم كل سماء..
وتحديد السموات بأنها سبع، يعنى أنها سبعة أكوان، ولا يدرى كنه هذا الكون، ولا العوالم التي يحتويها إلا اللّه سبحانه وتعالى، وأما ما بلغه علمنا من أكوان السموات، فلا يعدو أن يكون أفقا محدودا من آفاق هذه الأكوان، أو موجة على صدر محيطه الغمر الرحيب.
وأما المثلية بين السموات والأرض فى قوله تعالى :« اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ » فليس من الحتم أن تكون مثلية فى العدد، كما فهمها عليه المفسرون، ولعله من الصواب أن يكون المراد هو المثلية فى الإبداع والقدرة التي تظهر فيها عظمة الصانع، وقدرته، وحكمته، وعلمه.. فليس الأمر أمر جرم عظيم، وآخر صغير.. وإنما هو ما يتجلى فى أي جرم ـ مهما صغر ـ من دقة الصنعة، وإحكام البناء، وروعة التكوين..
فليس الجبل فى ضخامة جرمه بأعظم من الذرة قدرا، ولا أظهر منها بيانا، للدلالة على قدرة الصانع، وروعة إبداعه، وسلطان علمه، وذلك فى نظر من له بصيرة نافذة، وإدراك سليم..