ج ٤، ص : ١٢٦
تعقيب على المعطوف، وهو تعقيب فيه تراخ وامتداد فى مسافات الزمان والمكان بين المعطوف والمعطوف عليه، وهذا يؤذن بالمفارقة البعيدة بين المتعاطفين اللذين كان من شأنهما التشاكل والتلاحم.. ولكن كفر الكافرين باللّه يجعلهم أبعد من أن يتعاطفوا مع آيات اللّه، وأن ينتفعوا بها، ويهتدوا بهديها :« الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ.. ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ».
. ولو كان ما أعقب هذه الآيات هو التعرف على اللّه والإيمان به، لجاء النظم القرآنى عطفا بالفاء، على هذا النحو مثلا :
« الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ».
. فعرفه وآمن به أصحاب الأبصار، وذوو البصائر.. من عباده..
الآيات :(٢ ـ ٥) [سورة الأنعام (٦) : الآيات ٢ إلى ٥]
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥)
التفسير : الذين كفروا بربهم، وعموا عن آياته التي تملأ الوجود فى سمائه وأرضه.. عموا كذلك عن النظر فى أنفسهم، فلم يروا أنفسهم، وهم على تلك الصورة البالغة العاقلة.
ماذا كانوا قبل أن يكونوا ؟ ومن أي شىء كان كونهم ؟. إنهم من طين