ج ٤، ص : ١٣١
التفسير : القرن مائة سنة من الزمان، والمراد به هنا أهل هذا القرن، الذي ولدوا وعاشوا، وماتوا، فيه.. والمدرار : المطر الغزير المتتابع..
وهذه شواهد محسوسة ونذر قائمة بين يدى الناس، يرفعها اللّه سبحانه وتعالى لهم، بعد أن رفع لعقولهم ومدركاتهم كثيرا من الشواهد والنذر، فلم يبصروها ولم ينتفعوا بها..
فأين تلك الأمم التي كانت أكثر أموالا وأولادا، وأعزّ قوة وسلطانا من أهل مكة، بما ساق اللّه إليهم من نعم، وما مكنّ لهم فى الأرض، وما بسط لهم من سلطان عليها، فعمروها أكثر مما عمرها هؤلاء المشركون، ولكنهم حين مكروا بآيات وكفروا بنعمه، لم يكن لهم من أموالهم وأولادهم، وسلطانهم ـ عاصم يعصمهم من نقمة اللّه، فصبّ عليهم المهلكات، فأصبحوا كهشيم تذروه الرياح.. ؟
فأين عاد ؟ وأين ثمود ؟ تلك بيوتهم خاوية بما ظلموا.. يراها المشركون وهم يمرون عليها، فى غدوهم ورواحهم مع تجارتهم الغادية الرائحة بين مكة والشام..
وأين سبأ ؟ وأين ما كان فيها من جنات وعيون، ونعمة كانوا فيها فاكهين ؟
لقد صارت يبابا خرابا.. يرى المشركون أطلالها فى رحلتهم شتاء إلى اليمن تجارا، قد ألهتهم أموالهم وتجارتهم عن النظر فيها، وأخذ العبرة منها.
لقد هلكت عاد وهلكت ثمود، وذهبت سبأ.. وخلفهم آخرون..
وسيهلك هؤلاء المشركون من أهل مكة.. وسيخلفهم غيرهم...
إنهم لن يخلّدوا بما جمعوا من مال، وما استكثروا من بنين، وما بلغوا من جاه وسلطان..