ج ٤، ص : ١٩١
إلى ربهم، فى حال لبس معهم فيها ولىّ يتولى أمرهم عند اللّه، أو شفيع يشفع لهم، فيخلصهم من عذابه ـ هؤلاء هم الذين يعملون للقاء اللّه حسابا، ومن ثمّ فإنهم يستمعون لكلمات اللّه، ويستجيبون لرسول اللّه، فيكونون ممن رضى اللّه عنهم، ووقاهم عذاب الجحيم.
وقوله سبحانه « لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ » الرجاء هنا معلق بهؤلاء الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم غير مصحوبين بولىّ أو شفيع، فهذا الخوف من شأنه أن يبعث الإيمان والتقوى فى أصحابه.. فهم ـ والحال كذلك ـ على رجاء من التقوى، وعلى مداناة منها، إن هم استقاموا على هذا الطريق، واحتملوا ما يلقاهم عليه من مشقة وأذى.
قوله تعالى :« وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ».
هنا سؤال : هل طرد النبىّ من يدعون ربهم بالغداة والعشىّ يريدون وجهه ؟ أو هل همّ بطردهم ؟ وإلا فما معنى هذا النهى من اللّه تعالى للنبىّ الكريم ؟
والجواب : أن النبىّ صلى اللّه عليه وسلم لم يكن منه طرد لجماعة مؤمنة تدعو ربها بالغداة والعشى، بل ولم يكن منه همّ بهذا الأمر.. وكيف يساغ هذا ؟ ورسالته ـ عليه الصلاة والسلام ـ قائمة على دعوة النّاس أن يدعو ربهم بالغداة والعشى ؟ فكيف يدعو إلى أمر، ثم يقف هذا الموقف ممن يأتون هذا الأمر ؟
وإذن فما معنى هذا النهى الموجه من اللّه سبحانه إلى النبي الكريم ؟
الواقع أن هذا النهى، وإن كان فى ظاهره موجها إلى النبي ـ هو ردّ على


الصفحة التالية
Icon