ج ٤، ص : ٤١٣
بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ »
(٣٨ : النمل) وجاء فى قوله سبحانه :« فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ » (٤٢ : النمل).
فالعرش هنا هو مقصورة الملكة، أو مجلس الملك، حيث تتخذ منه الملكة مجلسا تتولّى فيه إدارة ملكها، هى وأعوانها..
فهل العرش الذي خلقه اللّه هو شىء من هذا القبيل، على بعد بعيد، فيما هو للّه، وفيما هو لعباد اللّه ؟
ليس ببعيد أن يكون لهذا الوجود فلك يدور فيه، وأن يكون لهذا الفلك مركز، وأن يكون العرش هو مركز هذا الوجود، وهى جميعها من خلق اللّه، وفى يد القدرة القادرة..
بقي معنى استواء اللّه على العرش..
وهذا أمر يتعلق بذات اللّه، فكما لا يمكن تصور ذاته، لا يمكن تصور أفعاله.. وقد سئل الإمام مالك رضى عنه ـ عن معنى الاستواء، فقال قولته المشهورة :« الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة »..
قوله تعالى :« يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ » أي يجلّل الليل بالنهار، أي يجعله جلالا له، وساترا، وغطاء، حيث يحجب ظلامه نور النهار.. ومنه قوله تعالى :« إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ » أي يلبسكم النعاس، وكذلك قوله سبحانه :
« وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ » أي دخلوا فيها، وأخفوا أنفسهم.
قوله تعالى :« يَطْلُبُهُ حَثِيثاً » جملة حالية من اللّيل، أي أن اللّيل يتبع النهار ويقتفى أثره، فينسخ نوره بظلامه.
وهكذا النهار والليل فى دورة الفلك، حيث تدور الأرض حول نفسها،