ج ٤، ص : ٤١٦
وبأمره.. « تبارك » أي علا وتقدّس وتمجّد وعظم.. « اللّه ربّ العالمين »..
هذا لسان حال الوجود كله، يسبح بحمد اللّه، ويمجده ويقدسه ويعظمه.
قوله سبحانه « ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ » أي إذا كان هذا الوجود كله هو صنعة اللّه، وكل حركة وسكون فيه هى بتقدير اللّه وبتدبيره وأمره، فإنه ينبغى ألا يكون لمخلوق متوجه إلا إلى اللّه وحده إليه تتجه لوجوه، وله ترفع الأكفّ وتبسط لأيدى.. « ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً »
أي ادعوه فى تذلل وخضوع، وفى همس وخفوت، فهذا أجمع للجوارح، وأدعى إلى سكن النفس وطمأنينة القلب، وليس كذلك.. الصراخ والهتاف، حيث تتوزع المشاعر، وتتفرق الجوارح، ويدخل على الإنسان شعور يبعد اللّه عنه، وبأنه يملأ هذا الفراغ الذي بينه وبين اللّه، بهذا الهتاف والصراخ.
وقوله تعالى :« إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ » الاعتداء هنا هو الالتفات إلى غير اللّه، وللجأ إلى وجه غير وجهه.. فذلك عدوان على اللّه، وما له من حق على العباد فى الولاء له، والطلب منه..
قوله تعالى :« وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ».
. الإفساد فى الأرض هو اتخاذ الطرق المعوجة فيها، بعد أن أقامها اللّه على السلامة والفطرة.. فمن الإفساد العظيم فى الأرض، الشرك باللّه، أو الكفر به، أو الانحراف عن شرائعه.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً ».
قوله سبحانه :« وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » أي إذا انتهيتم عما نهاكم اللّه عنه، وهو الإفساد فى الأرض، فوجهوا وجوهكم إلى اللّه، وادعوه وأنتم على إشفاق وطمع.. إشفاق من عذابه، وطمع فى مغفرته..
هكذا هو شأن المؤمنين باللّه.. حالهم أبدا معه على خوف منه، ورجاء فيه.. فالخوف


الصفحة التالية
Icon