ج ٤، ص : ٤٢٧
فمن آمن باللّه كان من شأنه ألا يظلم، ولا يعتدى، « قد جاءتكم بينة من ربّكم ».
. والبينة هى الآية والمعجزة المتحدية، ولم يذكر القرآن الكريم نوع هذه المعجزة، ولكن الذي ينبغى التصديق به أنه كان بين يديه معجزة ما، تحدّى بها القوم، وأراهم قدرة اللّه منها.. « فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ » والبخس هو الغمط، والنقص، والخيانة..
« وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » أي إن كنتم مؤمنين باللّه، ومؤمنين بالحق والعدل الذي يدعو إليه الإيمان..
« وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ » والقعود بكل صراط : هو التصدي لمن يريدون الحق، ويطلبون الهدى، والإبعاد : الوعيد بالشرّ والتهديد به.
« وتبغونها عوجا » أي تريدون أن تكون هذه السبيل ـ سبيل اللّه ـ معوجّة، أي ينحرف الناس عنها إلى سبيل الضلال والغىّ.. فهكذا أهل السوء والضلال، يحرصون دائما على أن يكون الناس جميعا على شاكلتهم، حتى لا يظهر سوؤهم، ولا ينكشف ضلالهم.. وهكذا الشرّ دائما موكّل بالخير، يريد أن يشوّه معالمه، ويفسد طبيعته، ليتوازى معه على كفتى ميزان.
ولكن اللّه بالغ أمره.. فما كان قائما على الشرّ والفساد، مستنبتا فى منابت الضلال، فلا بقاء له، وما كان قائما على الحق والخير، مغروسا فى مغارس الهدى والنور، فهو شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء، تؤتى أكلها كلّ حين بإذن ربّها.. « كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ.. كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ ».