ج ٥، ص : ٥٦٢
استكمال لتلك الصورة الكريمة للمؤمن.. فلا يكتمل إيمان المؤمن حتى يقيم الصلاة على وجهها، ويؤديها فى خشوعها وخضوعها، ولا يكمل إيمانه حتى يكون ـ مع إقامة الصلاة ـ من المنفقين مما رزقه اللّه، فى وجوه البرّ والإحسان..
فإذا فعل المؤمن ذلك، فأطاع اللّه ورسوله، وذكر اللّه خاشعا متضرعا، وتلا آياته وجلا خائفا، وأقام الصلاة، وأنفق مما رزقه اللّه فى سبيل اللّه ـ إذا فعل ذلك كان من المؤمنين حقّا.. أي كان مؤمنا ظاهرا وباطنا.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ».
فالمؤمن إيمانا كاملا، ظاهرا وباطنا، هو فى مقام كريم عند ربه، يحفّه بمغفرته ورحمته، ويفيض عليه من إحسانه وفضله..
ويلاحظ هنا أن هذا العرض للمؤمنين، وما ينبغى أن يكون عليه إيمانهم باللّه، هو ـ وإن كان مطلوبا لكل مؤمن باللّه، فى جميع الأحوال والأزمان ـ هو من المطلوبات التي استدعتها تلك الحال التي كان عليها المؤمنون بعد معركة بدر، فى مواجهة الغنائم التي وقعت لأيديهم فى هذه المعركة.
فلقد أثارت تلك الغنائم غبارا كثيرا فى آفاق المسلمين، فكان من تدبير اللّه لهم، وصنيعه بهم، أن أجلى هذا الغبار من سمائهم، وعرض عليهم تلك الصورة الكريمة للمؤمنين، وأراهم ـ سبحانه ـ أنه يدعوهم إليه، ويرسم لهم الصورة التي ينبغى أن يكونوا عليها، وهم يستجيبون له، ويقبلون عليه..