ج ٥، ص : ٥٩٦
وفى تقوى اللّه قوّة يجد منها الإنسان العون على مغالبة الأهواء، ودفع الشهوات أو كسر حدّتها..
وفى تقوى اللّه نور يهتدى به الإنسان، إلى مواطن الحق والخير، حيث يبدو له وجه الحق واضحا وضيئا، يدعوه إليه، ويغريه بالإقبال عليه، على حين يرى وجه الباطل كاسفا كئيبا، فيعرض عنه، ويفرّ منه.
ومن هنا كان مع تقوى اللّه دائما، الهدى والنور، والمغفرة والرحمة، والفضل العظيم من رب العالمين.. حيث يكون الإنسان فى صحبة التقوى، على نور من ربّه، يميز به الحق من الباطل، فلا تتفرق به السبل، ولا يضل الطريق إلى اللّه أبدا..
قوله تعالى :« وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ».
الواو، هنا للاستئناف.. والخبر الذي بعدها مستأنف..
ومناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن تقوى اللّه تعين الإنسان على اجتياز الصعاب، ومغالبة النزعات، واحتمال الأرزاء.. وقد كان هذا هو موضوع الآية السابقة.
وفى هذه الآية، المثل الكامل فى التزام طريق الحق، حيث يتصدّى النبيّ ـ وهو سيد المتقين ـ لما يسوق إليه المشركون من ألوان البلاء، وما يرمونه به من صنوف الإعنات والكيد، فيلقى ذلك صامدا صابرا، لا يثنيه الإغراء، ولا ينهنه الوعيد، حتى ليلقى قومه بتلك الكلمة الحاسمة الفاصلة، حين عرضوا عليه ما عرضوا من مال وسلطان :« واللّه لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته، أو أهلك دونه » !! فقد صمد


الصفحة التالية
Icon