ج ٥، ص : ٦٠٠
الآيات :(٣٢ ـ ٣٥) [سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٢ إلى ٣٥]
وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤) وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥)
التفسير :« الواو » فى قوله تعالى :« وإذ قالوا » للاستئناف.
ومناسبة الآية لما قبلها أنها تعرض حالا من أحوال المشركين، وتكشف عن وجه كريه من وجوه ضلالهم وسفههم.. فإنهم بعد أن رموا النبىّ بالكذب على اللّه، وأن ما جاءهم به ليس إلّا من أساطير الأولين، استملاها من علماء أهل الكتاب، وأنهم لو شاءوا أن يجيئوا بمثل ما جاءهم به لما كان عليهم إلا أن يرجعوا إلى علماء أهل الكتاب، ويردوا المورد الذي ورده، فيجيئون بمثل هذا الذي معه ـ إنهم بعد هذا، لم يقفوا عند هذا الحدّ، بل أمعنوا فى الاتهام والتكذيب، بأن طلبوا إلى اللّه أن يمطر عليهم حجارة من السماء أو يأتيهم بعذاب أليم، إن كان هذا الذي جاء به محمد حقا من عند اللّه! ؟
وليس أبعد فى الضلال، ولا أسفّ فى السفه، من أن يحملوا أنفسهم على هذا المركب المشحون بالبلاء، المحمول على صدر بحر متلاطم الأمواج، عاصف