ج ٥، ص : ٧١٧
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا »
وهو العام التاسع من الهجرة، الذي شاء اللّه سبحانه لرسوله الكريم ألا يحج هذا العام الذي حج فيه المشركون، ثم حج حجّة الوداع فى العام الثاني، وقد طهر البيت من هذا الرجس.
فالمشركون بما فى قلوبهم من كفر، ليسوا أهلا لأن يدخلوا بيوت اللّه ويعمروها.. إذ كيف يكفرون باللّه، ثم يعمرون مساجده ؟
وقوله تعالى :« شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ » هو حال من أحوالهم التي يدخلون بها المساجد، وهى أنهم يدخلونها وهم كافرون باللّه..
وشهادتهم على أنفسهم ينطق بها حالهم وأفعالهم، وإن لم تنطق بها ألسنتهم، فهم يدخلون بيت اللّه، ثم يسجدون فيه لغير اللّه، مما يعبدون من أوثان وأصنام.. وهذا العمل منهم أبلغ شهادة عليهم بالكفر والضلال.. « أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ » أي بطل كل عمل لهم، وانقلب شرّا ووبالا عليهم « وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ » فتلك هى ثمرة ما كانوا يعملون.. النار، والخلود فى النار..
قوله تعالى :« إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ » تلك هى حقيقة الذين يعمرون مساجد اللّه، وهذه هى صفاتهم التي تؤهلهم لأن يكونوا من أهلها وعمّارها.. أن يكونوا مؤمنين باللّه واليوم الآخر، وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وألا يكون فى قلوبهم خوف إلا من اللّه، ولا رجاء إلا فيه، ولا متعلّق إلّا به.. فهؤلاء فى معرض الهداية والتوفيق، وعلى طريق الاستقامة والتقوى. بهم تعمر بيوت اللّه، يذكر اللّه فيها، ذكرا خالصا من لزيغ، مبرأ من الشرك..


الصفحة التالية
Icon