ج ٥، ص : ٧٢٠
الذي ينظر إليه وإلى أعماله، كأصل أصيل فى تقويم الناس وأعمال الناس.
وقوله تعالى :« وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ » إشارة إلى أن أصحاب هذه الأعمال الطيبة قد ظلموا هذه الأعمال، إذ لم يزكّوها بالإيمان، كما أنهم قد ظلموا أنفسهم، إذ لم يظهروها من الرجس والشرك.
قوله تعالى :« الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ » فى هذه الآيات عرض لمنازل المؤمنين فيما بينهم، بعد أن ميّز الإيمان بينهم وبين المشركين، وجعلهم جميعا فى مقام كريم عند اللّه، يتقبل أعمالهم الطيبة، ويتجاوز عن سيئاتهم، على حين لا يقبل من غير المؤمنين عملا، ولو كان مما يدخل فى باب الطيبات الصالحات من الأعمال.
والمؤمنون الذين هاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل اللّه، أعظم درجة عند اللّه، من الذين آمنوا وجاهدوا ولم يهاجروا.. والذين آمنوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل اللّه، أعظم درجة عند اللّه من الذين آمنوا ولم يهاجروا ولم يجاهدوا.. وهكذا يتفاوت المؤمنون فى منازلهم ودرجاتهم عند اللّه.
وأعلى درجة عند اللّه للمؤمنين، هى درجة المهاجرين الذين جاهدوا فى سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم بعد أن اجتمع لهم الإيمان والهجرة ـ وقد وعدهم اللّه سبحانه وتعالى بالفوز برضوانه وجناته، ينعمون فيها بنعيم مقيم، لا ينفد ولا ينقطع أبدا.. (خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ »


الصفحة التالية
Icon