ج ٥، ص : ٧٦٩
التفسير : بعد أن بينت الآيات السابقة حكم اللّه فى الأشهر الحرم، وموقف المشركين من حرمات اللّه عامة، ومن حرمة هذه الأشهر الحرم خاصة، وما ينبغى أن يكون عليه موقف المسلمين من رعاية حرمة هذه الأشهر، مع اليقظة والحذر من خيانة المشركين وغدرهم بحرمات اللّه، وحرمة العقود التي بينهم وبين المسلمين..
بعد هذا، جاءت هذه الآيات تستحثّ المسلمين على الجهاد فى سبيل اللّه، وتنكر على المترددين والمتلبّثين ترددهم وتلبثهم فى الاستجابة لدعوة اللّه، والنّفر إلى الجهاد فى سبيله، فى غير تراخ أو فتور، كما يقول اللّه سبحانه :
« انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».
وقوله تعالى :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ » الاستفهام هنا إنكارى، إذ ينكر على من آمن باللّه، ولبس لباس المؤمنين به، ألّا يكون فى المجاهدين فى سبيل اللّه..
والنّفر إلى الحرب : السّعى إليها فى جدّ وعزم ومضاء..
وأصل المادّة من النفور، وهو الصدّ عن الشيء، ومنه قوله تعالى :« وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً » (٦٠ : الفرقان)