ج ٦، ص : ١١٠٧
وقوله تعالى :« وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ » إشارة إلى أن خلق السموات والأرض جاء متأخرا عن خلق الماء وهذا ما ينبغى أن نقف عنده، ولا نسأل عما وراءه، فذلك مما لا تدركه مدركاتنا، وهو مما ينبغى أن نؤمن به إيمان تسليم وتصديق، دون أن نبحث أو نسأل عن العرش ما هو ؟ وأين هو ؟ فالسؤال عن مثل هذا مضلّة، والبحث فيه عناء.. واللّه سبحانه وتعالى يقول :« وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ».
(٨٥ : الإسراء) وقوله تعالى :« لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ».
. الابتلاء الاختيار، ولام التعليل متعلقة بقوله تعالى :« خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ »، أي وخلقكم أيها الناس وجعلكم خلائف فى الأرض، ومكّن لكم فيها بما أودع فيكم من عقل، وما سخر لكم من مخلوقات، ليتبين من ذلك كيف تعملون، وكيف تكون خلافتكم فيما استخلفكم اللّه فيه.. ولو لا هذا ما كان لكم وجود، ولا كان منكم هذا الذي أنتم عليه، من إيمان وكفر، وهدى، وضلال..
وفى قصر الابتلاء والمفاضلة فيما ابتلوا فيه، على الأعمال الحسنة ـ إشارة إلى ما يجب أن يكون من الناس، وهو العمل فى ميدان الإحسان وحده، والتنافس بينهم فى هذا المجال.. ففى ذلك ينبغى أن يتنافس المتنافسون.
ـ وفى قوله تعالى :« وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ » إشارة إلى ما كشف عنه هذا الابتلاء والامتحان.. فقد كشف عن بعض نفوس خبيثة، وعقول فاسدة، وقلوب مريضة، لم تتعرف إلى اللّه، ولم تهتد إليه، ولم تستمع لدعاة الداعين إلى الإيمان باللّه، وباليوم الآخر.. فإذا استمعوا إلى شىء من كلام اللّه، يحدثهم بأنهم مبعوثون بعد موتهم، أنكروا هذا القول، وقالوا :« إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ».