ج ٦، ص : ١١٧٩
ويقول سبحانه فى موضع آخر على لسان لوط أيضا :« أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ » (١٦٥ ـ ١٦٦ : الشعراء).
ـ قوله تعالى :« فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ »..
والسؤال هنا : هل كان القوم مؤمنين باللّه حتى يذكّرهم لوط باسمه تعالى، ويدعوهم إلى تقواه ؟
والجواب : أنهم لو كانوا مؤمنين باللّه، لما استعلن فيهم هذا المنكر على تلك الصورة التي سجّلها القرآن عليهم.. فإن الإيمان باللّه يردّ الإنسان عن كثير من المنكر، ويقيم بين النّاس وازعا يزعهم من أن يخرجوا هذا الخروج السافر عن إنسانيتهم، وأن يتدلّوا هذا التدلّى المسفّ إلى مادون الحيوان.
فذكر اللّه هنا، إنما هو تخويف لهم، وتهديد بقوة اللّه، إن لم يتقوه، ويستقيموا على طريق المؤمنين.. وفى هذا تجاهل لإنكارهم اللّه والإيمان به، إذ لا معتبر لهذا الإنكار فى وجه الدلائل القائمة بين أيديهم على وجود اللّه، وكمال قدرته.
« قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ ».
لقد أنكر القوم على « لوط » ما دعاهم إليه من التزوج بالنساء، ومنهن بناته اللائي عرضهنّ عليهم، وذلك ليكون اتصالهم بالنساء صارفا لهم عن إتيانهم هذا المنكر مع الرجال! وقد جاء إنكارهم هذا فى صورة فريدة من الدناءة والخسّة والتجرّد من الحياء..