ج ٦، ص : ١٢٠٠
القرى الظالمة، وما حلّ بها وبأهلها من سوء.. ففى هذا عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة، أي آمن باللّه، وباليوم الآخر، وعمل لنفسه من أجل هذا اليوم، حتى لا يقع تحت طائلة العذاب الذي أعده اللّه للظالمين، المكذبين باللّه، وبهذا اليوم.. وهو يوم يجتمع له الناس جميعا، بعد أن يبعثهم اللّه من قبورهم، وهو يوم مشهود، يشهده الناس جميعا، ويرون ما يقع فيه من أهوال، وهو يوم عظيم.. للأحداث العظيمة التي تقع فيه.
«وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ».
. أي إن هذا اليوم آت لا ريب فيه، وإن تأخيره إنما هو لاستيفاء الأجل الذي قدّره اللّه لهذا اليوم.
« يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ »
أي يوم يأتى هذا اليوم، ويعرض فيه الناس على ربّهم، لا تملك نفس من أمرها شيئا، فلا تنطق بكلمة حتى يؤذن لها من اللّه سبحانه.. وذلك لهول الموقف، الذي تخمد فيه الأنفاس، وتخرس الألسنة.. وهم بين شقىّ وسعيد.. شقى بما حمل على ظهره من أوزار، وما قدم بين يديه من سيئات.. وسعيد بما جاء به إلى ربّه من عمل صالح يزكّيّه إيمان باللّه، وبهذا اليوم الذي هو فيه.
« فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ».
. وتلك هى حال من أحوال الذين غلبت عليهم شقوتهم، وأدانهم الدّيان فى هذا اليوم المشهود.. وذلك هو بعض ما يكون لهم فى هذا اليوم، وما يشهده أهل الموقف منهم.. « لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ »..
وفى تقديم « الزفير » وهو دفع النفس إلى الخارج، على « الشهيق » الذي هو أخذ النّفس إلى داخل الجوف.. وذلك على خلاف ما تتنفس الكائنات الحية، حيث تأخذ الهواء شهيقا، ثم تدفع به إلى الخارج زفيرا.. فى هذا