ج ٦، ص : ١٢٧٩
تأويل هذا الحلم خرج من السجن، واعتلى منصب الوزارة..!
هذا، وقد جاء فى الحديث الشريف :« إن فيكم محدّثين وإن منهم عمر » أي إن فى جماعة المسلمين من يتحدث إليهم من وراء مدركاتهم بأحاديث ملهمة..
سواء أكان ذلك فى اليقظة أو فى النوم..
« وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ.. »
الذي نجا منهما : هو أحد صاحبى السجن، وهو الذي رأى أنه يعصر خمرا..
ادّكر : أي تذكر، وأصله اذتكر على وزن افتعل، فقلبت تاء الافتعال دالا لتقارب مخرجيهما، ثم أدغمت الذّال فى الدال، لأنها أخفّ منها، ويجوز أن يقال اذّكر، بإدغام الدال فى الذّال.
والأمّة : الجماعة من كل شىء والمراد بها هنا كتلة من الزّمن، أي زمن طويل.. ومنه قوله تعالى :« إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ » (٢٢ : الزخرف) أي على مجموعة متضخمة من العادات والمعتقدات.
ـ وفى قوله تعالى :« وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ » إشارة إلى أنه قد عانى كثيرا من التفكير، حتى تذكر يوسف.. ففى الفعل « ادّكر » معالجة، ومعاناة، وعسر. وكذلك فى كلمة « أمّة » التي تجمع مقاطع متفرقة من الزمن! والسؤال هنا : كيف ينسى الرّجل وجه يوسف، وكيف بغيب عنه شخصه، وهو الذي كشف له عن رؤياه، وأراه منها وجه النجاة، بهذه البشرى المسعدة ؟
ونقول ـ واللّه أعلم ـ إنه ربما كان للأيام التي قضاها الرجل فى السجن، والعذاب الذي أخذ به، والرعب الذي استولى عليه من الأهوال التي طلعت


الصفحة التالية
Icon